كانت الساعة تقترب من منتصف الليل، والقاعة الهادئة في فندقٍ كلاسيكي بفيينا لا تزال تنبض ببقايا موسيقى لم تعزف. على الطاولة الرخامية، بقايا كأسٍ لم يُكمل، وكتاب مفتوح على فصلٍ لم يُقرأ.
رجل ببدلة رمادية داكنة دخل بخطى غير معتذرة، لم يطلب شيئًا، ولم يُسلّم… فقط مرّ. لكن العطر سبقه، كأنه توقيعه: دخان شاي أسود، وتبغ ناعم، لمسة من قشر البرتقال، وردٌ جوريّ ثقيل، وعطر الليل من العود والياسمين والمونوي.
رائحة لم تكن تصرخ… لكنها استدارت في الغرفة كما تستدير نظرات امرأة تعرف من هو. النادلة التي كانت تُطفئ الشموع توقفت، والرجل الجالس في الزاوية رفع عينيه من دون قصد… كأن كلّ شيء تغيّر، بلا كلمة.